الموقع الأثري “فايجة اللبن” بالجلفة:  محطة النقوش الصخرية، لوحة فنية لإنسان ما قبل التاريخ
1 min read

الموقع الأثري “فايجة اللبن” بالجلفة: محطة النقوش الصخرية، لوحة فنية لإنسان ما قبل التاريخ

تشكل محطة “فايجة اللبن” للنقوش الصخرية الكائنة ببلدية المليليحة، التي تبعد عن ولاية الجلفة بـ 50 كيلومترا, لوحة فنية لإنسان ما قبل التاريخ.

وحسب المختصين في علم الآثار وكذا باحثين جامعيين من جامعة “زيان عاشور”، تعتبر نقوش محطة “فايجة اللبن” من بين أروع الإبداعات الفنية التي جسدها إنسان ما قبل التاريخ بمنطقة الجلفة.

وفي هذا الصدد، ذكر المهتم بالآثار وتراث منطقة الجلفة, الباحث حكيم شويحة, لوأج, أن محطة “فايجة اللبن” التي ظلت متوارية عن الزوار, نظرا لبعدها عن الطرق التي يستقلها المواطنين وتمركزها بين سلسلتين جبليتين, تمثل حقيقة تحفة فنية للإنسان ما قبل التاريخ.

واعتبر ذات المتحدث هذا المعلم الأثري من بين محطات الفن الصخري التي تدعى عند المختصين بنمط “تازينة” و هي نقوش ذات خطوط انسيابية فيها الكثير من الفن الذي يعكس الحس الجمالي عند إنسان العصر الحجري, ويكتسي هذا المعلم الأثري أهمية من حيث موقعه و من حيث ما يحتويه من نقوش حيوانية و بشرية, وهو ما يبرز أيضا التغير المناخي و البيئي للمنطقة.

وأضاف الباحث شويحة في ذات السياق أن هذه المحطة تحوي مجموعة من النقوش التي تمثل مجموعة من الحيوانات كوحيد القرن و حيوانات تشبه الضباع المخططة أو ما يعرف بكلاب السمع التي ما زالت موجودة في حظيرة العقار و الطاسيلي. و أيضا على شكل إنسان بتسريحة شعر ذات ثلاث أجزاء.

وتشير البطاقة التقنية لهذه المحطة في لمحتها التاريخية التي دونها كل من هنري لوط (باحث فرنسي), و مليكة حاشيد (باحثة جزائرية), أن النقوش الصخرية التي تحويها منجزة بالأسلوب الطبيعي “تازينة” و هي مرحلة امتازت بجمالية أشكالها وتحويرها بأسلوب بسيط تنقص فيه تفاصيل الجسم مثل الذيل و القرنان, كما تكون الأجسام متوسطة و أحيانا صغيرة.

ووفقا لمدير قطاع الثقافة والفنون بالولاية بالنيابة, عيسى كعبوش, فإنه بالرغم من تعرض واجهات الصخور التي تحمل النقوش الصخرية بهذه المحطة لمختلف العوامل الطبيعية, إلا أن حالة النقوش التي تتضمنها هذه اللوحة الفنية ذات الجمالية في المتحف الطبيعي للمنطقة يبقى حفظها في حالة “حسنة” تظهر واضحة المعالم.

وأوضح ذات المسؤول في ذات السياق أن هذا الموقع الأثري الذي تم تحيينه في قائمة الجرد الإضافي للممتلكات الثقافية العقارية وفقا لقرار ولائي صدر العام الماضي, تم اقتراحه للتصنيف الوطني إثر اجتماع عقد في ديسمبر الفارط أشرفت عليه اللجنة الوطنية المكلفة بهذه المهام.

وقد أثمرت المصادقة على تصنيف هذا الموقع في قائمة التراث الثقافي, وينتظر صدوره في الجريدة الرسمية وهو الأمر الذي يعود لجهود تمثلت في إعداد ملف مدقق شمل مخططات التصنيف و الجانب البيبلوغرافي, وفقا لذات المسؤول.

 

إحصاء 56 ممتلكا ثقافيا مسجلا ضمن قائمة الجرد الثقافي 

 

 

وإلى جانب الأهمية التي يكتسيها موقع “ضاية اللبن” الذي أضحى مسألة تصنيفه وطنيا كمعلم تراثي ذات قيمة وبعد تراثي هام يضاف لما تكتنزه الجلفة من حقيبة أثرية متعددة الشواهد, تحصي مديرية الثقافة 56 ممتلكا ثقافيا مسجلا ضمن قائمة الجرد الثقافي, حيث تم إقتراح 10 مواقع منها لتنفيذ إجراءات التنصيف وجعلها ذات جاذبية.

ومن بين هذه المواقع التي تم إقتراحها للتصنيف، حسب مدير القطاع، موقع “شنابة” الذي يمثل معالم جنائزية وكذا الحصن الروماني المتقدم والمتمركز بمنطقة “بن لحواينية” ببلدية البيرين (شمال الجلفة) إلى جانب مواقع أثرية أخرى تم إكتشافها مؤخرا وكذا عدد من المساجد العتيقة التي تستحق التصنيف.

وتحصي المناطق الأثرية بالجلفة الضاربة جذورها التاريخية في عمق الزمن والتي يرجح تاريخ تعميرها إلى عصور ما قبل التاريخ, نحو 47 موقعا للنقوش والرسومات الصخرية, تحوي 950 نقشا حجريا بالإضافة إلى مختلف الصناعات الحجرية والعظمية والجنائزية التي ساهمت في استقراء تواجد الإنسان القديم و أصل البشرية, وفقا للخبراء.

وتعبر اللوحات الفنية الرائعة التي خلفها الإنسان عبر فترات زمنية مختلفة الكثير عن حياته اليومية وكذا ظروف معيشته ومحيطه وتطوره الفكري والنفسي ومعتقداته الدينية, بالإضافة إلى الحرف المنتشرة كالصيد والصناعة.

ق. م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *